Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

لماذا الالم؟
ثانيًا: موسى والتشكيل الالهي - (1)

عندما يدخلنا الرب نار التجربة لا يكون الهدف كله هو تنقيتنا، فهو يريد أن يشكلنا مستخدمًا الضغط والحفر والتزين، فنصير «إناء للكرامة مقدسًا نافعًا للسيد مستعدًا لكل عمل صالح» (2 تيموثاوس 2: 21). 
إن كان يعقوب مثالاً للتنقية فموسى مثال للتشكيل.  تهذب موسى بكل حكمة المصريين وصار مقتدراً في الأقوال والأفعال بعد أن تعلم أفضل علوم مصر وحضارتها؛ ولكن مع كل هذا أخرجه الرب من مصر، فكل علوم ومدارس وجامعات مصر ليست بقادرة على إخراج الإناء بالشكل الذي يريده الرب. 

أين هي المدرسة التي تعلم ما هو أفضل من علوم مصر في ذلك الوقت؟!  إنها مدرسة البرية وتجاربها المحرقة.  تخرج موسى من مصر متهورًا ومندفعًا وقاسيًا ومتعجلاً «ولما كملت له مدة أربعين سنة خطر على باله أن يفتقد إخوته بني إسرائيل وإذ رأى واحدًا مظلوما حامى عنه وأنصف المغلوب إذ قتل المصري. فظن أن إخوته يفهمون» (أعمال 7: 23 – 25).  بعد أربعين سنة في مصر صار موسى رجلاً عنيفًا وبلا رحمة بل وقاتلاً أيضًا «أمفتكر أنت بقتلي كما قتلت المصري» (خروج 2: 14).  نعم لديه غيرة وشجاعة لكنهما ليس بحسب التشكيل الإلهي.  لذلك يأخذه الصائغ الماهر ليعرضه إلى حرارة البرية الشديدة، فيُضغط ويتضايق ويُحرم ويتألم لمدة أربعين سنة أخرى فيصبح طيعًا سهل التشكيل.  فيأخذه الصائغ ليشكله حسب فكره، عندئذ يظهر الرجل الحليم وتختفي كل شراسة واندفاع ونرى الإناء الذي هو بحسب فكر الرب.  وهنا يشهد عنه الرب قائلاً «وأما الرجل موسى فكان حليما جدًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض» (عدد 12: 3).

عزيزي القارئ، ربما قد ظهرت فينا صورة المسيح لكنها ليست واضحة، إذ ظهرت بعض صفات المسيح وليس كلها.  ربما قد ظهرت فينا غيرة المسيح ولكنها بدون وداعة المسيح فتصبح الصورة مشوشة ومشوهة، فيجدف على الاسم الحسن بسببنا.  لذلك تتوالى التجارب وتستمر حياة البرية والضيق والألم ويستمر التشكيل.  إلى متى؟! «إلى أن يتصور المسيح فيكم» (غلاطية 4: 19).

أخي، لا يوجد ما يغيرنا ويشكلنا مثل الضيق والألم والحرمان والتأجيل، فنتعلم الصبر والانتظار، الخضوع والطاعة، الاتضاح والمحبة، الإيمان والرجاء، والشكر والحلم.  لن تظهر فينا كل هذه الصفات إلا بعد أن يسمح لنا الرب بالدخول في آلام التجارب.  عزيزي القارئ لا تفشل ولا تيأس عندما تتعرض لضغوطات، لأن «كل تأديب في الحاضر لا يرى أنه للفرح بل للحزن. وأما أخيرًا فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام»  (عبرانيين 12: 11).

مجدي صموئيل