Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

العلاج في ثلاث أفعال
الفعل الأول: نائلين (2)

يقارن الرسول بطرس بيننا وبين أنبياء العهد القديم وبيننا وبين الملائكة قائلاً: «الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء.  الذين تنبأوا عن النعمة التي لأجلكم  باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم إذ سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها. الذين أعلن لهم انهم ليس لأنفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الأمور التي أخبرتم بها أنتم الآن بواسطة الذين بشروكم في الروح القدس المرسل من السماء التي تشتهي الملائكة أن تطّلع عليها» (1 بطرس 1: 10 – 12). 

إن الخلاص الذي نلناه نحن هو الخلاص الذي بحث وفتش عنه الأنبياء قديمًا؛ فالأنبياء مثل موسي ودانيال وإشعياء لم يتنبأوا فقط بل أيضًا بحثوا وفتشوا. 
يكتب الرسول بطرس في عدد 11 من الأصحاح الأول: «باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم»، وهذا ما فعله دانيال.  كما بحث موسى عن مجد الله «فقال ارني مجدك» (خروج 33: 18).  وتنبأ إشعياء قائلاً «من صدق خبرنا ولمن استعلنت ذراع الرب ... وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا» (إشعياء 53: 1، 5).  وربما تساءل إشعياء النبي وهو يكتب من هم هؤلاء الذين ستستعلن لهم ذراعك يا الرب؟! 

إن هذا يرينا مقامنا وقيمتنا في المسيح؛ فهؤلاء الأنبياء أعلن لهم ليس لأنفسهم بل لأجلنا.  فهم كانوا يخدمون بهذه الأمور التي أُخبرنا بها نحن ولم يُخبروا بها هم.  هؤلاء الأنبياء لم يروا إلا ظلالاً، وبحثوا ولم ينالوا، وفتشوا ولم يتمتعوا. إنهم فقط شهدوا وتنبأوا وكتبوا نبوات، لكنهم لم يروا ولم يدركوا ولم يختبروا ما نتمتع به نحن.

يكتب عن موسى «بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون مفضلا بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية  حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر» (عبرانيين 11: 24 – 26).  لقد فتش وبحث وطلب من الرب أن يرى مجده، ولم يرَ، لكن هذا الشخص الذي لم يرَ، هو الشخص الذي رفض كل خزائن مصر ولم يعبأ بها مفضلاً الذل مع شعب الله لأنه حسب عار المسيح أعظم من كل خزائن مصر.

أخي القارئ، قارن بيننا وبين موسى؛ فنحن لم نبحث ولم نفتش ولم نقل أرينا مجدك، بل على العكس قلنا له «ابعد عنا.  وبمعرفة طرقك لا نسرّ» (أيوب 21: 14).  نحن لا يقال عنا "باحثين"، بل "نائلين"؛ فنحن نلنا المكتوب عنه «والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقًا» (يوحنا 1: 14).  ما أبعد الفارق بيننا وبين أنبياء العهد القديم، إذ بحث أحدهم ثم قال: «ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا» (أيوب 9: 33)، ولكن الآن كُف عن البحث لأن «الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه» (عبرانيين 1: 1، 2). 

لقد قارن سيدنا له كل المجد بيننا وبين يوحنا المعمدان فقال عنه «إنه بين المولودين من النساء ليس نبي أعظم من يوحنا المعمدان» ولكنه قال عنا «ولكن الأصغر في ملكوت الله أعظم منه» (لوقا 7: 28).  نحن لا نستحق تراب يوحنا المعمدان، ولكنه من الأنبياء الذين بحثوا وفتشوا ولم ينالوا، لأنه لم يكن قد أتى ملء الزمان، «ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس  ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني ثم بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخًا يا أبا الآب إذا لست بعد عبدًا بل ابنًا وإن كنت ابنًا فوارث للّه بالمسيح» (غلاطية 4: 4 – 7).  أخي هل تدرك قيمة وقدر ما نلناه؛ إذ صرنا الآن أبناء لله الذي افتدانا.  ما أعظم النعمة التي نحن فيها مقيمون.

مجدي صموئيل