Magdy Samuel

تأملات من "سلام وسط الآلام"

العلاج في ثلاث أفعال
الفعل الثاني:
منطقوا (1)

«لذلك منطقوا أ حقاء ذهنكم صاحين» (1 بطرس 1: 13)
قد تكون نلت الخلاص لكنك مازلت حزينًا ولا تستطيع أن تتغلب على آلامك.  وهنا يأتي دور العلاج الثاني من خلال الفعل "منطقوا" أحقاء ذهنكم صاحين.  نعم قد تشرد أو تنام أذهاننا، لذلك يكتب الرسول بطرس عن الذهن في رسالته الثانية أيضًا: «هذه أكتبها الآن إليكم رسالة ثانية أيها الأحباء فيهما أنهض بالتذكرة ذهنكم النقي» (2 بطرس 3: 1).  وقد تَفسد أيضًا أذهاننا وتحتاج إلى تجديد.  «تغيّروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم» (رومية 12: 2).  لذلك يدعونا الرسول بطرس أن نصحو وأن نسهر «لئلا يطمع فينا الشيطان لأننا لا نجهل أفكاره» (2 كورنثوس 2: 11).

يأتي الفعل "منطقوا أحقاء ذهنكم" بمعنيين.  المعنى الأول هو جمعوا شتات أفكاركم؛ أي لا تجعلوا فكركم مشتتًا بين أشياء كثيرة، بل وحدوا فكركم.  يقول الكتاب «رجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه» (يعقوب 1: 8).  أما عن ذي الذهن الموحد فيقول «ذو الرأي الممكن تحفظه سالمًا سالمًا لأنه عليك متوكل»  (إشعياء 26: 3).

استطاع بولس الرسول أن يحتمل ويتغلب على آلامه لأنه تمكن من أن يعيش الاختبار الذي قال عنه: «لي الحياة هي المسيح» ولذلك أصبح «الموت هو ربح» (فيلبي 1: 21).  إن الحياة بالنسبة له لها غرض واحد يسعى إليه، وهو المسيح وتمجيده، سواء أكان ذلك من خلال الحياة أم الموت.  ولذلك قال أيضًا: «أفعل شيئا واحدًا إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام أسعى نحو الغرض» (فيلبي 3: 13، 14). 

لقد فعل شيئًا واحدًا والحياة بالنسبة له كانت هي المسيح فقط، بلا أشخاص أو أشياء أخرى معه.  لذلك لم ينظر إلي الماضي بكل آلامه وضيقاته بل نسيه.  وأيضًا لم يضع ثقته في أناس غير المسيح قد يظلمونه أو يخذلونه أو يتركونه؛ ولهذا لم يستطع إبليس أن يؤثر على ذهنه ولم يفقد سلامه عندما تركه الجميع بل قال: «في احتجاجي الأول لم يحضر أحد معي بل الجميع تركوني.  لا يحسب عليهم.  ولكن الرب وقف معي وقواني» (2 تيموثاوس 4: 16: 17).

أخي، إن كان رجاؤك في المسيح وخلاصه، ورجاؤك أيضًا في العالم وما فيه، إن كنت ذا رأيين ومشتتًا بين الله والعالم، وإن كان خلاص الرب غاليًا عندك والمال والعالم أيضًا غاليين عندك، سيستطيع إبليس أن ينفذ إلي ذهنك بسهامه الملتهبة وأفكاره الملتوية، وعندئذ لن تستطيع أن تغلب مخاوفك أو تتحمل آلامك، بل ستفقد سلامك وفرحك؛ لأنه «لا يقدر أحد أن يخدم سيدين.  لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال» (متى 6: 24).

مجدي صموئيل