Magdy Samuel

تأملات من "كتاب ممن أخاف"

الباب الثاني: 1
وسائل الأمان

 

«واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس.  أن اسكن في بيت الرب كل أيام حياتي لكي أنظر إلى جمال الرب وأتفرس في هيكله» (مزمور 27: 4).


عندما نتأمل في ترنيمة المرنم المختبر في مزمور 27، نجد أنه، مع تعدد مصادر الخوف وتنوعها، يرى داود أنه يحتاج إلى أمر واحد من الرب!  فما هو؟!  إنه يطلب السكنى في محضر الرب.  لا لكي يهرب من الأعداء، ولا لكي يطلب الإنقاذ؛ ولكن لكي يتمتع بشركة قوية مع الرب «لكي أنظر إلى جمال الرب». 

وعندما تمتع داود بالسكنى في المقادس نجده يتغنى بثلاثة وسائل عظيمة تعطيه الأمان والطمأنينة، وهي: المظلة والخيمة والصخرة
نستطيع عندما نتأمل فيها أن نجدها رموزًا جميلة لوسائل الأمان الإلهي وسط أمطار الدينونة، ورياح الشيطان، وأمواج العالم.
فهي تعطيه السلام والسكينة، بالرغم من يوم الشر وحرب الشرير واقتراب الأشرار.  فيستطيع أن يهتف قائلاً: «ممن أخاف ... أنا مطمئن»
لأن «الساكن في ستر العليّ في ظل القدير يبيت» (مزمور91: 1). 

دعنا نتأمل قليلاً في هذه الوسائل الثلاثة.

 

الوسيلة الأولى:  المظلة
”عمل الفداء “


«لأنه يخبئني في مظلته في يوم الشر» (مزمور27: 5)


المظلة تحمي الإنسان من المطر، الذي رأينا سابقًا أنه يشير في الكتاب إلى الدينونة.  وكما كان فلك نوح هو مظلة الحماية له من أمطار الفيضان والدينونة، هكذا لا يوجد شيء يعطي الطمأنينة للمؤمن إلا عمل الفداء على الصليب وكفارة المسيح، فمعنى كلمة ”كفارة“ هو غطاء ”cover“. «الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا» (أفسس1: 7). 

ما أحلى الفعل يخبئني! 
فأنا لا أستطيع أن أحمي نفسي بنفسي،
لكن الرب نفسه «يخبئني».
والمظلة هنا ليست مظلتي بل «مظلته». 

فالرب قد تمم العمل تمامًا، وما علينا إلا أن نتمتع بالاختباء في مظلة فدائه.  فنحن لا نخاف من غضب السماء فقد صولحنا مع الله بموت ابنه وصرنا أولاد الله.  ولا نخاف من الدينونة لأن المسيح حمل دينونتنا. 

فقديمًا صرخ أيوب طالبًا مصالحًا يصالحه مع الله وينهي الخوف والرعب من عقابه ودينونته قائلاً: «ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا ليرفع عني عصاه ولا يبغتني رعبه، إذًا أتكلم ولا أخافه» (أيوب9: 33-34).  ولكننا الآن بعد أن صُولحنا مع الله بموت ابنه، نستطيع أن نهتف بأعظم المواعيد الإلهية وقت الخوف: «لا تخف لأني فديتك، دعوتك باسمك، أنت لي» (إشعياء43: 1).

لقد كان الرعب والخوف يجتاح كل بيوت المصريين عندما عبر المُهلِك من بيت إلى بيت ليهلك كل بكر، من الأمير للأجير ومن الغني إلى الفقير؛ فلم ينجو بيت من الرعب والهلاك إلا بيوت شعب الله التي احتمت في دماء الشاة المرشوش على القائمتين والعتبة العليا.  «أرى الدم وأعبر عنكم» (خروج12: 13).
هكذا كل من احتمى في مظلة الفداء ودم ابن الله، لا يخاف من الغضب والدينونة والموت والهلاك.  فالدينونة قد عبرت، عندما سقطت وطمت على المسيح في الصليب.  إذ يقول «غمر ينادي غمرًا عند صوت ميازيبك. كل تياراتك ولججك طمت عليّ» (مزمور42: 7).  فالرب لم يمنع الهلاك عن المجيء، ولكنه حمى بيوت شعبه بالدم؛ فعبر عنهم المهلك. 

لذلك تهتف العروس في سفر النشيد قائلة «لأن الشتاء قد مضى والمطر مَرّ وزال» (نشيد الأنشاد2: 11).  لقد زالت الدينونة وعبرت، وأصبح السلام يكتنف العلاقة بيننا وبين الله.  «فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح» (رومية5: 1).  وتمتعنا بالسلام الأول: سلام مع الله.  فالمؤمن لا يخاف من الدينونة، لأن «لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع» (رومية8: 1).

 

بخطيئة أدم جاء الموت لنا وبصليب المسيح مات الموت وعبر عنا.

مجدي صموئيل