Magdy Samuel

تأملات من "كتاب ممن أخاف"

الباب الثاني: 6

مثال من الكتاب
يوسف والراعي صخر الدهور


في طريق وصول يوسف إلى المجد، عبر بثلاثة بيوت، امتلأت بالاضطرابات والتغيرات، وهي بيت يعقوب، وبيت فوطيفار، وبيت السجن.


في بيت يعقوب عانى يوسف من حرمانه من والدته في سن مبكرة، وتدليل أبيه له بصورة جعلت إخوته يحسدونه ويبغضونه.  لقد عانى منهم أشد المعاناة حيث رموه في البئر ثم باعوه كعبد للإسماعيليين، الذين أخذوه معهم إلى مصر. 


أما في بيت فوطيفار فقد عمل كعبد أجير لفوطيفار، وعندما استقرت الأوضاع به، إذ أوكله سيده على كل بيته، بدأت امرأة فوطيفار تَعرض الشر عليه.  وعندما قاوم الشر وانتصر افترت عليه، واستطاعت أن تقنع زوجها بذلك.  فحمي غضب فوطيفار عليه وأودعه السجن. 


وفي بيت السجن عاش يوسف سجينًا مقيَّدًا محرومًا من الحرية.  وحينما تحسنت الأوضاع واستطاع أن يفسِّر حلم رئيس السقاة وانتظر أن يذكره أمام فرعون، لم يذكره رئيس السقاة بل نسيه.
  

في هذه البيوت الثلاثة، 
     وسط أمواج البغضة والحسد، 
     والشر والافتراء والظلم، 
     والسجن والترك والنسيان؛
هل نُسيَ يوسف من الرب وحُرِم من رعايته؟! 
لا يا أخي القارئ،

 

ففي البيوت الثلاثة كان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحًا. وكان كل ما يصنعه يُنجحه الرب بيده. 
ففي بيت يعقوب بالرغم من شر وبغضة إخوته، استطاع الرب برعايته له أن يحميه من القتل والموت، وسمح ببيعه للإسماعيلين مستخدمًا رأوبين ويهوذا. 


وفي بيت فوطيفار أنجح الرب عمله وأعطاه نعمة في عيني سيده.  وحماه من السقوط في الشر مع امرأة فوطيفار.  وسمح له بالسجن الذي كان نفق المرور إلى المجد


وفي بيت السجن أيضًا بسط له لطفًا لدى رئيس السجن.  فدفع رئيس بيت السجن إلى يده جميع الأسرى.  كما أعطاه بصيرة ليفسر حلم رئيس السقاة.  وجعل رئيس السقاة ينساه سنتين ثم يتذكره في الوقت المناسب والمعيَّن من الله، فلو خرج يوسف من السجن قبل هذا لعاش هائمًا على وجهه بلا مأوى.

 

وهكذا استخدم الرب كل ما حدث في البيوت الثلاثة ليصل بيوسف إلى بيت فرعون.  وفي بيت فرعون أعطاه الرب حكمة وبصيرة ليفسِّر حلم فرعون ويعلمه ماذا يفعل في سني الشبع والجوع، فصار الرجل الثاني في أرض مصر.  كما استخدم الرب الجوع ليأتي بأخوته إليه فيقود قلوبهم للتوبة.

 

ومن حياة يوسف نرى أن
حياتنا ليست في أيدي البشر ليفعلوا بنا ما يشاءوا، ولكنها في يدي إله قدير عظيم يرعانا ويعتني بنا.
فإن كانت يد الرب لا تبدو واضحة في مشاهد حياتنا، لكنه يعمل من خلف الستار لخيرنا

ثق أنه مهما علت الأمواج واضطربت من حولنا، فإنها لن تصنع في النهاية إلا مشيئة الله لنا.  «ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله» (رومية8: 28).  فقد أدرك يوسف هذا حين قال لأخوته: «لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتموني إلى هنا.  لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم... فالآن ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا بل الله» (تكوين45: 5، 8).  «أنتم قصدّتم لي شرًا.  أما الله فقصد به خيرًا» (تكوين50: 20).

 

لقد أدرك يعقوب في نهاية أيامه هذه الرعاية الفائقة ليوسف حين قال عنه: «يوسف غصن شجرة مثمرة، غصن شجرة مثمرة على عين.  أغصان قد ارتفعت فوق حائط.  فمرّرته ورمته واضطهدته أرباب السهام.  ولكن ثبتت بمتانة قوسه وتشدّدت سواعد يديه.  من يدي عزيز يعقوب من هناك من الراعي صخر إسرائيل، من إله أبيك الذي يعينك، ومن القادر على كل شيء الذي يباركك» (تكوين49: 22–25).  من بركة يعقوب ليوسف نرى أنه لم يَقل عن يوسف ”أغصان اصطدمت في حائط“، بل «ارتفعت فوق حائط».  فكل حائط أو حاجز في حياة يوسف لم يوقف نموه ونجاحه، ولكن الرب رفعه فوق كل الحواجز.  كما أن سرّ قوة يوسف ليست في ذاته، ولكن تشدّدت سواعد يديه من الراعي صخر إسرائيل.

 

أخي القارئ.. إن سر قوتنا ليس في قوة أيادينا، ولكن في قوة الراعي الذي يحملنا ويهدينا.

 

أقصى ما يستطيع البشر أن يفعلوه معك هو مشيئة الله في حياتك

مجدي صموئيل