Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثاني : 4
المخاوف واضرارها (3)

لقد فقد ابراهيم شعوره بالامان والسلام الداخلي، كما فقد شركته مع الله وحياة الاستقامة، وفقد أيضاً سعادته الزوجية.  هل هذا هو كل ما لحق بإبراهيم نتيجة لخوفه؟ كلا عزيزي القارئ، فالخوف وما يليه من القرارات الخاطئة يجعلنا نعاني كثيراً؛ فلنتحذر لأن الخوف له عذاب.

خامساً:  فقدان حياة الشهادة
تعرض إبراهيم  رجل الله العظيم لتوبيخ من فرعون إذ قال له ماهذا الذي صنعت بي «فَدَعَا فِرْعَوْنُ ابرَامَ وَقَالَ: "مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِي؟ لِمَاذَا لَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّهَا امْرَأَتُكَ؟  لِمَاذَا قُلْتَ: هِيَ أُخْتِي، حَتَّى أَخَذْتُهَا لِي لِتَكُونَ زَوْجَتِي؟"» (تكوين  12: 18، 19).

وتعرض إبراهيم لتوبيخ أشد من ابيمالك عندما تكرر هذا الأمر ثانية في جرار.   «ثُمَّ دَعَا ابيمَالِكُ إبراهيم وَقَالَ لَهُ: "مَاذَا فَعَلْتَ بِنَا؟ وَبِمَاذَا أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيَّ وَعَلَى مَمْلَكَتِي خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟ أَعْمَالاً لاَ تُعْمَلُ عَمِلْتَ بِي"» (تكوين 20: 9).

الخوف يضعف شهادتنا عن الرب ويجعل الآخرين يوجهون اللوم للرب ولنا.  فمع أن حياة إبراهيم كلها شاهدة للرب، وهذا الموقف ما هو إلا نقطة صغيرة في ثوب ناصع البياض، فقد كانت له شهادة رائعة في عيون أهل كنعان عند موت سارة حينما طلب منهم أن يأخذ مكان قبر ليدفن زوجته، قالوا له أنت رئيس من الله بيننا في أفضل قبورنا ادفن ميتك، إلا أنه بسبب الخوف تصرف بطريقة عرضته للتوبيخ واللوم من فرعون وابيمالك وفقد شهادته أمام أهل كنعان. 

كثيرون من المؤمنين تكون حياتهم شاهدة أمينة للرب ولهم خدمتهم وشهادتهم، ولكن بسبب ما يتعرضون له في رحلة الحياة من مخاوف، يتصرفون تصرفات خاطئة تكون سبباً للتجديف على الاسم الحسن وفقدان الشهادة.

أخي القارئ
عش شاهداً للرب وكن قدوة لمن هم حولك،
تذكر أن الآخرين يصدقون أفعالك أكثر من أقوالك.

فربما يقودك الخوف إلى أفعال، قد تسئ إليك وإلى إلهك؛ فتفقد شهادتك التي قد يكون من الصعب عليك إسترجاعها.  لذلك ضع ثقتك في الربواطرح أمامه كل ما يقلقك ويخيفك، وانتظر مشيئته. 
فهو حتماً سيرشدك ويقودك إلى ما هو لخيرك ولصالحك، فتختبر «مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ» (رومية 12: 2).

سادساً:  حصاد الخوف
حصد إبراهيم حصاداً مريراً نتيجة الخوف والنزول إلى مصر.  مع أنه قد يبدو أن إبراهيم لم يخسر شيئاً، بل على العكس قد ربح من نزوله إلى مصر، فقد أعطاه فرعون ممتلكات كثيرة وأعطاه أيضاً هاجر جاريه له، إلا أنه في الواقع قد خسر الكثير من نزوله إلى مصر.

فهذه الممتلكات  الكثيرة  من غنم وبقر وغيرها، التي أعطاه إياها فرعون، كانت من اسباب المشاجرة التي حدثت بين رعاته ورعاة لوط.  «وَلَمْ تَحْتَمِلْهُمَا الأَرْضُ أَنْ يَسْكُنَا مَعًا، إِذْ كَانَتْ أَمْلاَكُهُمَا كَثِيرَةً، فَلَمْ يَقْدِرَا أَنْ يَسْكُنَا مَعًا. فَحَدَثَتْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنَ رُعَاةِ مَوَاشِي أَبْرَامَ وَرُعَاةِ مَوَاشِي لُوطٍ»  (تكوين 13: 6، 7). 

وفي مصر أيضاً تغيرت نظرة لوط للأمور مما جعله يرى سدوم وعمورة كجنة الرب.  وهكذا خسر إبراهيم لوط بسبب النزول إلى مصر.

أما هاجر التي أخذها من مصر وتزوجها فيما بعد، كانت سبباً لخسارته  سلامه العائلي.  فقد جاء اسماعيل من زواجها بإبراهيم، والذي صار سبب مرارة لإبراهيم وسارة وكل نسل إبراهيم.

 فغني العالم لابد أن يأتي معه التعب، أما الغنى الذي يعطيه الرب لا يزيد معه تعب.
 «بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا» (امثال: 10: 22).

أخي القارئ
احذر من الخوف والانحدار إلى العالم، فسينقذك الرب من التجربة، ولكن انقاذ الرب لا يمنع معاناتك من حصاد ما فعلت يديك.

 

مجدي صموئيل