Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثالث: 2  
إحباطات الحياة وأنواعها

هناك أنواع كثيرة من الإحباطات، منها على سبيل المثال:

أولاً:  الإحباط المادي
عندما يحلم الشخص بالثراء السريع والغنى العاجل، ولكن تمر الأيام عام وراء عام دون أن يتمتع بهذا الغنى والثراء، ويجد أن مازال أمامه الكثير لكي يتمتع بالراحة؛ ينتابه شعور بالإحباط.

ربما قد تعيش في الوقت الحالي، حياة مستريحة إلى حد كبير، ولكنك لا تستطيع أن تطمئن على غدك، فتحتاج أن تعمل وتستمر في العمل وتعمل أكثر لكي تعيش على هذا المستوى.
وتتردد هذه العبارة أو الفكرة كثيراُ "أنه في هذه الايام لا يستطيع الشخص أن يدخر رصيد كبير في البنك.  أنه فقط يستطيع أن يعيش في مستوى معيشي مرتفع".
وفي الحقيقة أن النظام الإقتصادي الراسمالي الاستهلاكي، الذي يسود العالم الآن، مبني على مبدأ:  "أن تعمل كثيراً وأن تنفق أكثر". وهكذا تشعر، وكأنك تجمع في كيس منقوب؛ فتصاب بالإحباط.

ثانياً:  الإحباط المهني
قد يجد الشخص انه عليه أن يعمل عملاً بسيطاً، لا يتوافق مع إمكانياته وخبراته وسنه ومركزه فيصاب بالضيق والإحباط.  أو ربما كان يعمل عملاً مريحاً، ولكن الآن، نتيجة لقلة فرص العمل، يجد أن عليه أن يعمل عملاً شاقاً ومرهقاً، أو يعمل لساعات طويلة، وذلك لكي يوفر الحياة الكريمة له ولأسرته؛ فيصاب بصغر النفس والإحباط

قد تجد أنه عليك أن تدرس وتتعب كثيراً.  وحتى عندما تنجح في شهادتك تجد أن فرص العمل قليلة، والمنافسة شديدة.  وحتى بعد أن تنجح في الحصول على فرصة عمل تجد أن الاستمرار في العمل غير مضمون والتقدم  فيه بطئ وصعب.  وأن العمل الذي تعمله لا يحقق أحلامك، فتصاب بالإحباط أكثر.

ثالثاً:  الإحباط الأسري
قد يبحث الشاب عن عمل أفضل ودخل أكبر ليستطيع أن يتزوج، ولكن قد لا يجد الفتاة المناسبة له بسهولة، فيتأخر الزواج،  ولا يجد زوجة مناسبة،  فيصاب بالإحباط.
وهكذا أيضاً تشعر الفتاة بالإحباط عندما يتأخر الزواج، فقد لا تجد الشخص المناسب لها.  ففرص الزواج من شخص مؤمن قد تكون أقل.  وقد تعتقد الزوجة قبل الزواج أن السعادة الزوجية مضمونة، ولكنها تشعر بالإحباط عندما تصل إلى أرض الواقع، إذ تجد أن أحلامها لم تتحقق.

وقد يشعر زوجين أن الحل لكل مشاكلهم الزوجية هو الهجرة.  فالحياة ستكون أسهل والدخل سيكون أكبر  والوقت سيكون متوفر، فالزوج لن يحتاج إلى كل ساعات العمل الطويلة هذه، كما أن وسائل الرفاهية ستكون أكثر، ولكن عندما يهاجران يجدان أن المشاكل قد تفاقمت أكثر وأن السعادة الزوجية تأخرت كثيراً، بل أصبحت صعبة المنال.  وعندما ينظرون حولهم يجدون أن  الطلاق والأنفصال منتشر حتى بين المهاجرين، فيشعرا بالإحباط.

قد يكون هدفك هو اسعاد أسرتك.  وتعمل لأجل مستقبل أفضل لأولادك واسرتك.  ولكن بمرور الوقت قد تتأثر علاقتك بأولادك وأسرتك سلبياً.  أذ قد أصبحت مشغولاً عنهم، كما أصبحوا هم بعيدين عنك.  وربما قد تتغير صورتك في أعينهم، فهم تعلموا أفضل منك ولديهم امكانيات أفضل منك ، فتصاب بالإحباط. 

رابعاً:  الإحباط  النفسي
أحياناً  يعتقد الشحص ان عدم السعادة مرتبط بما يمر به من ظروف ومشاكل، وقد يظن أيضاً أنه عندما تتغير ظروفه وعمله وسكنه ودخله، أوعندما يعيش في بلاد نظيفة بلا تلوث أو ضوضاء أو تعصب، وبلاد تحترم القوانين وحقوق الأنسان، سيكون أكثر سعادة. وفعلاً تتغير كل الظروف للأفضل، ولكنه مع هذا يجد نفسه غير سعيد، وأن هناك فراغاً داخلياً في قلبه.
عندما تفكر أنك تمتلك وسائل الراحة واسباب السعادة، لكنك تفتقد السعادة نفسها، يبدأ الشعور بالإحباط يتسلل إليك.

خامساً:  الإحباط الروحي
أحياناً يشعر المؤمن ان ضعف حالته الروحية هو المشكلات التي يقابلها، من تعصب وعدم وجود حرية للعبادة والكرازة.  ويعتقد أنه سيصبح أفضل روحياً حين تكون لديه الحرية للعبادة والشهادة عن الرب، بدون خوف، حيث لا يوجد تعصب.  وربما تتغير الظروف، لكنه يجد أن حياته الروحية أضعف مما كانت عليه من قبل، حيث لا وقت لديه للخلوة الشخصية وعبادة الرب، وقد فقد الرغبة في خدمة الرب والكرازة بأسمه. 

قد يزداد شعورك بالإحباط حين ترى أن هناك الكثير من الأنقسامات بين كنائس. والحالة الروحية لمؤمني هذه الكنائس قد تكون منخفضة، فيتعمق لديك الشعور بالإحباط.  وتنتظر نهضة في حياته الروحية، وعندما تتأخر النهضة تصاب بالإحباط أكثر.

أخي القارئ
ما هو الأمر الذي تريده وتنتظره من الرب؟  هل تشعر بصعوبة تحقيق هذا الأمر ويعتريك الإحباط من جهته؟  تعال بإحباطك إلى الرب القادر على كل شئ، فهو يشفي إحباطك ويسدد إحتياجك.
حتى وأن ضعف إيمانك بسبب شدة الإحتياج وطول الأنتظار «انْتَظِرِ الرَّبَّ. لِيَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ، وَانْتَظِرِ الرَّبَّ»  (مزمور 27: 14).  فالرب سيحقق وعده لك في وقته.  «أنا الرَّبُّ فِي وَقْتِهِ أُسْرِعُ بِهِ»  (اشعياء 60: 22).


مجدي صموئيل