Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثالث: 3
الاحباطات واضرارها (1)

مشاعر الإحباط لها تأثير سلبي للغاية على الإنسان
نفسياً     وصحياً         وروحياً. 

وهذا ما يعلنه الكتاب كما تأملنا سابقاً. 
«الرَّجَاءُ الْمُمَاطَلُ يُمْرِضُ الْقَلْبَ» (امثال 13: 12).

يعتبر الإحباط من أخطر المشاعر النفسية، فهو يقودنا إلى الشعور بالفشل واليأس والضيق والاكتئاب.  وعندما يتملك الشعور بالإحباط واليأس منا، يجعلنا نفقد الرغبة والقدرة على ممارسة أمورنا الحياتية والاستمتاع بها.  بل قد يؤثر أيضاً على صحتنا الجسدية.  وقد يصل الأمر أن يضعف حياتنا الروحية.

ماذا فعل الإحباط بسارة؟  وماذا خسرت سارة نتيجة لهذا الشعور؟  وماذا فقدت؟  هذا ما سنتأمل فية معاً، مصلين إلى الرب أن يحمينا ويشفينا من كل إحباط في حياتنا.
 
أولاً:  الشك في وعود الرب
«هُوَذَا الرَّبُّ قَدْ أَمْسَكَنِي عَنِ الْوِلاَدَةِ»  (تكوين 16: 2).

عندما يتأخر الوعد ويتأني الرب علينا، وعندما نصطدم بمعطلات الواقع، وعندما يطول الانتظار، أحياناً كثيرة يضعف إيماننا وتبدأ الشكوك تتسرب إلينا، مما يصيبنا بالإحباط.  وقد يستغل العدو حالة الإحباط هذه، فيجعلنا نشك في صلاح الرب من نحونا ومحبته لنا.  وتدور في عقولنا اسئلة كثيرة، مثل:
اين الرب؟  ولماذا لا يتدخل؟
هل سيطول انتظارنا؟  هل سيتمم الرب وعده لنا؟
هل هذا الوعد من الرب فعلاً؟  هل غيّر الرب مشيئته من نحونا؟
هل أخطأنا فمنع الرب عنا تحقيق الوعد؟

عندما زار الرب إبراهيم وسارة في الخيمة وعدهم قالاً:  "نحو زمان الحياة يكون لسارة ابن"، ضحكت سارة في باطنها.  فلقد تسلل الفشل والشك واليأس إلى قلبها وإلى حوارها الداخلي  وحديثها الذاتي مع نفسها. 
وهذا مايفعله الإحباط فينا، فيجعلنا نضحك ليس ضحكات الفرح والأنتصار ولكن ابتسامة الشك واليأس والفشل. 
فقد نبدو من الخارج سعداء أو فرحين، ولكننا من الداخل يملأنا الشك واليأس والفشل.  فلا نستطيع أن نفرح فرح الرب الذي هو قوتنا.  فخيبة الأمل قد تزعزع ثقتنا في صدق مواعيد الرب، مما يضعف شركتنا بالرب، فنفقد فرحنا وقوتنا الروحية.


أخي القارئ،
عندما  تتملكك مشاعر الإحباط، لا تشك في صلاح الرب، بل اطلب الرب واسكب القلب أمامه.  وأنتظر الرب.  لأن كل الذين نظروا إليه استناروا ووجوههم لم تخجل.

ثانياً:  اتخاذ قرارات خاطئة
حاولت سارة أن تحل مشكلاتها، أو تنقذ ما يمكن انقاذه، وتجدد الأمل، وتحقق حتى ولو نصف الوعد، بأن يكون لإبراهيم ابن، وإن لم يكن عن طريقها.  فإن كانت هي قد فقدت الأمل والقدرة على الإنجاب، لكن إبراهيم مازال قادراً أن ينجب.  بينما الرب أراد أن ينهي تماماً كل رجاء بشري عند سارة وإبراهيم ليتدخل هو أخيراً.

في طريق سارة لحل مشكلتها بنفسها بعيداً عن إلهها قالت لإبراهيم:  "هوذا جاريتي أدخل عليها لعلي أرزق منها ببنين".  فسمع إبراهيم لقول امرأته.  ولم يحاول رجل الله إبراهيم  أن يمنع قرار سارة، لكنه سمع لقرارها، بل ربما شجعه لشعوره بالإحباط هو الآخر. 

ومن هنا نرى أن الإحباط يقودنا أحياناً للأندفاع والتسرع، ويدفعنا لأتخاذ قرارات خاطئة، دون أن نسأل الرب أو نطلب مشيئته.  وهذا ما يحدث كثيراً في رحلة الحياة لكثيرين. 

قد يتأخر أمراً ما، فنستخدم اساليب ملتوية لحل المشكلة.  أو قد نأخذ قرارات ليست بحسب مشيئة الرب مثل الزواج بشخص غير مؤمن لنحل المشكلة.

قد يتأخر الحلم بالحصول على بيت كبير وسيارة فارهة ودخل مرتفع وغيرها، فنلجأ لأساليب غير أمينة لنحقق هذا الحلم.  وربما ندمر صحتنا وأسرتنا للوصول لهذا الحلم.

قد يتأخر موضوع الارتباط بشخص مؤمن مناسب، فنتزوج بشخص غير مؤمن لنحل المشكلة نتيجة للشعور بالإحباط.

قد نصلى كثيراً ونحاول الوصول إلى تفاهم أفضل مع الزوج أو الزوجة، ولكن لا نستطيع الوصول إلى السعادة الزوجية، فنتخذ قراراً خاطئاً بالأنفصال أو الطلاق.

قد يتأخر الثمر في الخدمة التي نخدم الرب بها، ونشعر بالإحباط نتيجة كثرة المشاكل في بعض الكنائس وصعوبة الخدمة فيها، فنقرر أن نترك الخدمة ونبعد عن الوسط الروحي.

في كثير من الأحيان يدفعنا الإحباط إلى قرارات خاطئة في حياتنا، كما دفع سارة إلى هذا القرار الخاطئ الذي عانت منه كثيراً ومازال نسلها يعاني منه حتى الأن.

لذلك عزيزي القارئ،
أنتظر وتمهل كثيراً، وأنت تأخذ قراراً عند شعورك بالإحباط.
 
أطلب الرب ومشيئته، وأنتظر مشيئة الرب  وتحقيق وعده لك.
 
فخير لك أن تنتظر عطايا الرب، عن أن تتدخل لتحاول أن تحل مشكلتك.

فقد تتخذ قراراً خاطئاً، ثم تحصد مستقبلاً الكدر بسبب ما فعلت.

مجدي صموئيل