Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الثالث: 5
الإحباطات واسبابها (1)

ما هي الاسباب التي جعلت سارة تعاني من الإحباط، ودفعتها لإتخاذ القرار الخاطئ، بزواج إبراهيم من هاجر؟
 من خلال تأملنا في حياة سارة، نستطيع أن نرى عدة أسباب قد تكون دفعت سارة للشعور بالإحباط، وهذه الاسباب، قد تجعلنا نحن أيضاً نتعرض لإحباط مماثل.

أولاً:  ضغط الاحتياج
سارة كأي امرأة لديها غريزة الأمومة، وتشعر بالإحتياج المُلح أن يكون لها ابن يشبع عاطفة الأمومة لديها ويسعد حياتها.  فقد كان عمر سارة يقارب الخامسة والسبعين حين عرضت على إبراهيم أن يتزوج هاجر، بينما كان عمر إبراهيم يقارب الخامسة والثمانون عاماً، ولم يكن لديهم أولاد.

كما كانت سارة ترى أنها تحتاج بشدة إلى ابن يرث كل غنى إبراهيم.  فقد أثر فيها وفي زوجها كثيراً أن الوارث لكل هذا الغنى والخير الذي أعطاهم الرب، هو لعازر الدمشقي، كبير عبيد إبراهيم.  فقد قال إبراهيم للرب:  «أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، مَاذَا تُعْطِينِي وَأنا مَاضٍ عَقِيمًا، وَمَالِكُ بَيْتِي هُوَ أَلِيعَازَرُ الدِّمَشْقِيُّ؟ ... إِنَّكَ لَمْ تُعْطِنِي نَسْلاً، وَهُوَذَا ابنُ بَيْتِي وَارِثٌ لِي» (تكوين 15: 3 ، 4).

كثيراً ما يضغط علينا الاحتياج فنشعر بالإحباط عندما لا يسدد هذا الإحتياج، أو حين يتأنى الرب في تسديده. 
ولكن عزيزي القارئ لا تدع ضغط الاحتياج يقودك للإحباط.
فالرب سيسدد احتياجك بطريقته، وفي وقته فانتظر الرب واصبر له. 
الرب غير مسئول عن تحقيق أحلامنا الشخصية، لكنه مسئول تماماً عن تحقيق خطته ومشيئته في حياتنا.  فالرب لا يحقق أحلامنا ولكنه يسدد احتياجاتنا. 
قد يتأني الرب عن تنفيذ خطته في حياتنا، في المواعيد التي نريدها نحن، ولكنه ملتزم بالمواعيد التي يحددها هو.  إذ يعدنا قائلاً:  «صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ» (جامعة 3: 11).

ثانياً:  نجاح الآخرين
نظرت سارة من حولها، فوجدت أن الرب يعطي الجميع نسلاً.  فهو يعطى الأبرار والأشرار، المؤمنين والخطاة، ولكنه لم يعطها حتى الآن.  وفي ذلك الوقت وفي العهد القديم كله، كان النسل يعد بركة من الله، بينما يعد العقم دليل على غياب البركة.  حيث أن بركات الرب في العهد القديم كانت بركات مادية، تختلف عن البركات الروحية التي نتمتع بها نحن في العهد الجديد.

فكانت المرأة العاقر تشعر بالخزي والعار.  وتعتقد أن هذا من غضب الرب عليها.  وقد تسلل هذا الإحساس إلى سارة فقالت:  «هُوَذَا الرَّبُّ قَدْ أَمْسَكَنِي عَنِ الْوِلاَدَةِ. ادْخُلْ عَلَى جَارِيَتِي لَعَلِّي أُرْزَقُ مِنْهَا بَنِينَ»  (تكوين 16: 2).
وربما زاد شعور سارة بالإحباط، حين رأت أن لوط وامرأته قد انجبا وأن الرب اعطاهما نسلاً بالرغم من حالتهما الروحية المنخفضة وارتباطهما بالعالم.  في حين لم يعط إبراهيم زوجها الذي له شركة عميقة معه، وقد دعي خليل الله.

أحياناً حينما تقارن حياتك وظروفك بأحوال الذين هم معك، تري أنهم أكثر منك نجاحاً أو أسرع نجاحاً، فتشعر بالإحباط وتتساءل:
يا رب أنت تعطي هذا الأمر للأبرار وحتى للأشرار.  فلماذا لا تعطيني أنا؟ 
لقد حدث هذا مع اساف في مزمور 73 عندما نظر لمن حوله من الأشرار، فوجدهم أفضل منه، فعاني من الإحباط وكادت تذل قدماه.

ولكن اخي القارئ أنتظر مشيئة الرب في حياتك، ولا تنظر لمن حولك، ولا تغر من الذي ينجح في طريقة.
  فالرب له خطة خاصة وعظيمة لحياتك، وإن كانت تختلف عن خطته لكل من حولك. 
فلا تقارن نفسك بغيرك، ولا تنظر إلى نجاحات الآخرين من حولك، ولكن أرفع عينك للرب وأنتظره. 
فالنجاح الحقيقي ليس هو تحقيق أكبر قدر ممكن من المال أو الشهرة أو المتعة، لكنه تحقيق أكبر قدر ممكن من خطة الله ومشيئته في حياتك. 
لذلك أقبل مشيئة الله في حياتك، وافرح بها، بل وأيضاً أفتخر بها.
«انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ، وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ» (مزمور 37: 7).

مجدي صموئيل