Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الرابع: 2
الغرور وأنواعه

الغرور هو شعور داخلي بالاعجاب الشديد والافتخار بالذات.  وقد ينتج عنه الكبرياء والتعالي على الآخرين.  فالغرور هو شعور بالافتخار بنفسك، أما الكبرياء فهو شعور بالأفتخار على الآخرين.

يولد هذا الاحساس صغيراً، ثم ينمو تدريجياً مع النجاحات المتتالية في الحياة.  وهو إحساس خادع، فقد لا يشعر الأنسان أنه مصاب بالغرور والكبرياء. 

لا يوجد شخص لديه حصانة من هذا الداء الدفين، الذي يصيب الجميع بنسب متفاوتة.  فهذا الداء له مضاعفات خطيرة، تدمر الإنسان نفسياً وروحيا.  لذلك حذرنا منه الكتاب المقدس قائلاً:  «قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ» (امثال 16: 18). كما أنه ليس مجرد إحساس أو شعور فقط، لكنه خطية يبغضها الرب.  فهو خطية الشيطان التي جعلته يسقط ويفقد مركزه كملاك.

قد لا يكون الغرور بسبب الإمكانيات المادية والنجاحات الشخصية فقط، لكنه قد يصيب المؤمن عندما يفتخر بمواهبه الروحية.  لذلك اعطى الرب بولس شوكة في الجسد ليحميه من هذا المرض. «وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ»  (2 كورنثوس 12: 7).

وقد يتعرض الشخص في رحلة الحياة للاصابة بهذا الداء، خاصة عندما يحقق الكثير من النجاحات في وقت قصير.  هناك أنواع متعددة من الغرور والكبرياء سنتامل معاً في بعضها.

أولاً:  الغرور الشخصي (غرور الغنى)
هذا النوع من الغرور قد  ينتاب الشخص  عندما يجد أنه حقق نجاحات كثيرة، في مجالات متعددة.  فقد ينجح في عمله ويصل إلى مركز مرموق،  أو يحصل على أعلى الشهادات، أو يحصل على دخل مرتفع، أو يمتلك الكثير من المال أو الممتلكات.  وعندما ينظر إلى ما حققه وما أصبح عليه وما يمتلكه؛ ينتابه نوع من الكبرياء والغرور.

وهذا الإحساس يبدأ تدريجياً دون الشعور به ثم يتضخم.  ويصبح هذا الشخص معجباً بذاته، فخوراً بنفسه، متعالياً على الاخرين، لا يتحمل النقد، ولا يستطيع أن يغفر للآخرين أو يقبل إعتذارهم.

أحياناً يغيرنا النجاح ويغير قلوبنا؛ فيجعلها ترتفع. ليحفظنا الرب من هذا الأمر ويجعل قلوبنا متضعة أمامه، وكل ما يعطينا الرب أكثر، ننحني أمامه أكثر.
 
 
ثانياً:  الغرور في مجال الأسرة
عندما ينجح الزوج في حياته ويرتفع مركزه الاجتماعي والمهني ويزداد دخله وتزداد إمكانياته، يشعر بالغرور والتعالي تجاه زوجته، وقد يرى أنه يستحق زوجة أفضل منها.  فيبدأ يضخم عيوبها ولا يرى امتيازاتها، وربما يتجه بعواطفه لغيرها. 

وهكذا الزوجة قد تفعل هذا الأمر أيضاً.  وينسى الأثنان عهد الزواج المقدس الذي تعهدا به أمام الرب والناس يوم الزفاف، بأن يكونا مخلصين بعضهما لبعض طوال العمر.  ويحدث ما حذر الرب منه قديماً.
 «مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الشَّاهِدُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَةِ شَبَابكَ الَّتِي أَنْتَ غَدَرْتَ بِهَا، وَهِيَ قَرِينَتُكَ وَامْرَأَةُ عَهْدِكَ... فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ. "لأَنَّهُ يَكْرَهُ الطَّلاَقَ، قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ» (ملاخي 2 : 14 – 16).

وقد يصيب الغرور والكبرياء الابناء الذين نجحوا واندمجوا في المجتمع بصورة أفضل من والديهم، فتتغير نظرتهم لوالديهم ويتمردون على وضع الأسرة وسلطة الوالدين.


ثالثاً:  الغرور الروحي 
بعض الأشخاص عندما يعطيهم الرب وينجحهم لا يشعرون بالإمتنان للرب ولا يشكروه على ما أعطاهم، بل على العكس قد  ينسوا الرب إلههم، ويتركوا عبادته.

 فعندما ينجح أحد الأشخاص ويمتلك الكثير، قد تجده لا يهتم بالامور الروحية، ولا يجد وقتاً لعبادة الرب أو خدمته.  وتبدأ مفاهيمه ومبادئه تتغير، وربما يقبل أفكار عصرية ومتحررة، منتشرة، بعيدة عن كلمة الله.  وهذا ما حذر الرب شعبه منه قائلاً:  «اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ وَلاَ تَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَفَرَائِضَهُ الَّتِي أنا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ.  لِئَلاَّ إِذَا أَكَلْتَ وَشَبِعْتَ وَبَنَيْتَ بُيُوتًا جَيِّدَةً وَسَكَنْتَ، وَكَثُرَتْ بَقَرُكَ وَغَنَمُكَ، وَكَثُرَتْ لَكَ الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ، وَكَثُرَ كُلُّ مَا لَكَ، يَرْتَفِعُ قَلْبُكَ وَتَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أرض مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ» (تثنية 8: 11 – 14).

قد يظهر الغرور الروحي أحياناً أيضاً في الاجتماعات والكنائس.  فإذ أختلف عضو مع عضو آخر، أو لم يؤخذ برأيه، قد يترك الكنيسة ويذهب إلى آخرى أو ربما يكون كنيسة آخرى.  لذلك تكثر الإنقسامات وتكثر الاجتماعات، ولكن بأعضاء قلائل.


أخي القارئ، عندما يعطيك الرب وتنجح في حياتك، تعَلم أن ترجع كل الفضل للرب وتفتخر بالرب الذي صنع معك هذا. وأطلب من الرب أن يحمي قلبك من الأرتفاع.

مجدي صموئيل