Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

الباب الرابع: 3
الغرور واضراره (1)

الغرور والكبرياء هما من اكثر الخطايا التي يبغضها الرب في الإنسان، والتي تعرضه لتأديب الرب.
«اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً»  (1 بطرس 5: 5).  كما أن هذا الشعور من الناحية النفسية يعد من أكثر المشاعر تدميراً لنفسية الأنسان ولعلاقاته مع الأخرين. فالشخص المتكبر لا يستطيع أن يتمتع بالسلام والرضى الداخلي، كما أنه لا يقدر أن يكون في سلام مع الآخرين. 

الغرور في حياة هاجر جعلها تخسر الكثير من الامتيازات التي تمتعت بها خلال رحلة الحياة.  وسنتأمل  معاً في بعض خسائر الغرور في حياة هاجر، مصلين في قلوبنا أن يحمي الرب نفوسنا من كل غرور وكبرياء.
 
أولاً:  كبرياء القلب
«فلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ صَغُرَتْ مَوْلاَتُهَا فِي عَيْنَيْهَا»  (تكوين 16: 3، 4).

كبرياء القلب هو أول نتائج هذا المرض الخطير، مرض الغرور.  وهذا يحدث عندما نشعر بأننا قد حققنا الكثير ونجحنا، وأننا صعدنا سلم النجاح بسرعة  وأصبحنا نمتلك الكثير، فلدينا عمل مناسب ومجز، وبيت كبير وجميل، وسيارة أو سيارات حديثة، ورصيد كبير في البنك.  ولدينا اسرة رائعة.

فأحياناً نسكر بخمر النجاح، ودون أن نشعر نتعرض للغرور والافتخار والكبرياء.  لأن الكبرياء والقساوة تحدث جزئيا، اي تدريجيا دون أن ندري. لقد حذر الرب شعبه قديماً في طريق إرتحالهم وهجرتهم من مصر أرض العبودية، إلى كنعان، قائلاً لهم هذه الكلمات: 
«ولِئَلاَّ تَقُولَ فِي قَلْبِكَ: قُوَّتِي وَقُدْرَةُ يَدِيَ اصْطَنَعَتْ لِي هذِهِ الثَّرْوَةَ. بَلِ اذْكُرِ الرَّبَّ إِلهَكَ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لاصْطِنَاعِ الثَّرْوَةِ» (تثنية 8: 17، 18). 
فلا يوجد شئ يحفظ قلوبنا متضعة أكثر من التأمل في معاملات وإحسانات الرب  معنا.

على الجانب الآخر، ليس كل من يعطيه الرب في رحلة الحياة يرتفع قلبه.  فهناك من يعطيه الرب فيزداد اتضاعا وخشوعا أمام الرب، مثلما كان يعقوب. لقد وضع يعقوب نفسه أمام أمانة الرب معه والطافه المتعددة، فرأى نفسه صغيراً أمام كل هذه الإحسانات.  وقال: «يَا إِلهَ ابي إبراهيم وَإِلهَ ابي إِسْحَاقَ، الرَّبَّ الَّذِي قَالَ لِيَ: ارْجعْ إلى أرضك وَإلى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ.  صَغِيرٌ أنا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إلى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هذَا الأُرْدُنَّ، وَالأن قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ» (تكوين 32: 9، 10).


أخي القارئ،
هل تذكر ما كنت تفكر فيه وما كنت تخاف منه وما كنت تتوقعه؟  هل تتذكر كيف كنت تعيش واين تسكن وماذا تمتلك وماذا كنت تعمل، وكيف كنت تشعر وما هي حالتك النفسية قبل كل هذا النجاح؟
الرب يريدك أن تتذكر لكي لاتنسى معاملاته معك واحساناته لك ويفيض قلبك بالشكر لجلاله قائلاً:  «بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ» (مزمور 103: 1، 2).

لقد أوصى الرب شعبه في سفر التثنية أنه عندما يعطيه ويغنيه، لابد أن يأتي أمام الرب ويقدم من باكورات ما أعطاه الرب ويذكر احسأنات الرب معه. «وَمَتَى أتيتَ إلى الأرض الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا وَامْتَلَكْتَهَا وَسَكَنْتَ فِيهَا، فَتَأْخُذُ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ ثَمَرِ الأرض الَّذِي تُحَصِّلُ مِن أرضك الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ وَتَضَعُهُ فِي سَلَّةٍ وَتَذْهَبُ إلى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ» (تثنية 26: 1، 2).

أحياناً كثيرة تخدعنا قلوبنا دون أن ندري،  فعندما يعطينا الرب قد تشغلنا وتغيرنا، العطية وتنسينا العاطي الذي أعطانا.  لذلك احذر، أخي القارىء، من الانتفاخ والغرور بما حققته، وأعط كل المجد للرب

مجدي صموئيل