Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

 الباب الرابع: 5
الغرور واضراره (3)

ثالثاً:  التمرد والهروب
«فَأَذَلَّتْهَا سَارَايُ، فَهَرَبَتْ مِنْ وَجْهِهَا.»
لا نعرف نوع الذل الذي أذلتها به ساراي.  فربما ذكرتها بوضعها كجارية، أو ربما أعادتها سارة للعمل في الخيمة مرة آخرى.  لكن هاجر لم تتقبل ولم تحتمل هذه المعاملة، فهربت.

نتيجة للكبرياء واحتقار الآخرين نجد أنفسنا لا نستطيع  تحمل علاقات معينة أو ظروف معينة أو أوضاع معينة فنتمرد عليها ونهرب منها.

فالزوجة التي كانت تحب زوجها وتخضع له في خوف الرب، نجدها وقد أصبحت متذمرة على ما كانت تقبله من قبل.  لقد تغير القلب والذهن أيضاً بسبب الغرور والكبرياء.  فقد تنظر إلى زوجها نظرة جديدة  فيصغر في عينيها.  وتبدأ تراه ذو إمكانياته القليلة أو شخصيته الضعيفة، مع أنها أعجبت به وبشخصيته وأرتضت بإمكانياته في بداية ارتباطهما.  وبسبب الكبرياء وشعورها بالأفضلية على زوجها قد تفكر في الانفصال أو تطلب الطلاق.

والزوج الذي كان يحب امرأته ويحافظ على بيته وأولاده نجده يضرب عرض الحائط بعهد الزواج الذي عاهد الرب عليه. فبسبب غرور النجاح ومع كثرة النجاحات والمشغوليات قد يرتفع قلبه فيرفض الالتزام والقيام ببعض مهامه ومسئولياته الأسرية.  فما كان يفعله بسرور قبلاً أصبح الآن يمثل ثقلاً عليه.  فيترك أسرته وأولاده، ويفضل حريته على مسئوليته كزوج وأب.

والأولاد عند وصولهم إلى سن المراهقة نجدهم لا يتقبلوا نصائح والديهم ويعتبرونها تدخلاً سافراً في أمورهم الشخصية.  وقد يقرروا التمرد على القواعد الأسرية التي احترموها من قبل.

قد يظهر هذا الأمر أيضاً فى الأمورالروحية والكنسية.  فقد يترك الشخص كنيسته ويتجه إلى  آخرى، إذا واجه أية صعوبات في كنيسته.  فقد تمر الكنيسة بفترة من الضعف أو الفتور الروحي أو قد تواجه بعض الإنقسامات أو بعض الصعوبات المادية، فيفضل الترك والهروب على الأنتظار والإتضاع امام الرب لحل المشكلة.

أخي القارئ،
ليعطنا الرب روح الطاعة والخضوع مهما أعطانا الرب وأرتفعت مراكزنا، فلنظل خاضعين للرب وخاضعين بعضنا لبعض في خوف أسمه.

رابعاً:  فقدان الامتيازات
«وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ ... وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ» (تكوين 21: 14، 16).
لقد فقدت هاجر الكثير بسبب الغرور والكبرياء.  فكما صعدت سلم النجاح سريعاً ووصلت إلى زوجة لإبراهيم، وأم ولي العهد ووريثه، نجدها فقدت كل هذا المجد سريعاً.  فقد هربت من وجه سارة وتركت خيمة إبراهيم وأصبحت تائهة في الصحراء بلا طعام أو شراب. 

ويقيناً ندمت هاجر على ما فعلت وعلى كبريائها وغرورها.  فغرورها جعلها ترجع مرة آخرى إلى وضعها الأول.  حيث وجدها الرب على طريق شور، وهو مكان قرب حدود مصر، أي كانت في طريقها إلى مصر.  بل قد وصلت إلى وضع أقل، فقد صارت جارية هاربة تائهة.  وليس هذا فقط انما كانت الخسارة الكبرى، أنها خرجت من بيت إبراهيم إلى الأبد.

قد يجعلنا الغرور والكبرياء والعناد نخسر أعظم الإمتيازات التي يعطينا الرب إياها.  فقد نخسر سعادتنا الزوجية بسبب الكبرياء الئي يجعلنا نعتد بارائنا ولا نستطيع أن نغفر بعضنا لبعض.

وقد نخسر نجاحنا في أعمالنا بسبب الكبرياء الذي يجعلنا لا نتراجع عن أخطائنا والذي قد يقودنا إلى الاعتداد بذواتنا وأتخاذ قرارات متسرعة قد تكلفنا الكثير.

وقد نخسر نجاحنا الروحي وخدمتنا بسبب الكبرياء الذي يجعلنا ننتفخ بما لدينا من مواهب ومعلومات روحية، فنتعالى على الآخرين ونفقد بركة الرب لخدمتنا.

وقد نخسر نجاحنا في علاقاتنا المختلفة بسبب الكبرياء الذي يجعلنا نتمركز حول ذواتنا ولا نستطيع أن نضحي لأجل الآخرين، ونفتخر بإمكانياتنا ونقلل من شأن الآخرين ولا نحترمهم.

وهكذا عندما نتكبر ويملأنا الغرور، فالذي عندنا يضيع منا ويؤخذ منا.  ولكن عندما نتواضع يعطينا الرب أكثر.
ليحفظنا الرب من هذا الداء الدفين والخطير.  ويحفظ قلوبنا دائماً متضعة فنتمتع ببركة الرب لحياتنا، ونعمته التي وعد أن يعطيها للمتضعين «أَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً»  (يعقوب 4: 6).  ونختبر تعزياته الإلهية التي يبارك بها المتضعين. «لكِنَّ اللهَ الَّذِي يُعَزِّي الْمُتَّضِعِينَ عَزَّانَا ...» (2 كورنثوس 7: 6).

مجدي صموئيل