Magdy Samuel

تأملات من "كتاب دليل المهاجر"

 الباب الخامس: 1
لوط  وإغراءات الحياة

«فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ، قَبْلَمَا أَخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، كَجَنَّةِ الرَّبِّ، كَأرض مِصْرَ. حِينَمَا تَجِيءُ إلى صُوغَرَ. فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ، وَارْتَحَلَ لُوطٌ شَرْقًا. فَاعْتَزَلَ الْوَاحِدُ عَنِ الآخَرِ. ابرَامُ سَكَنَ فِي أرض كَنْعَانَ، وَلُوطٌ سَكَنَ فِي مُدُنِ الدَّائِرَةِ، وَنَقَلَ خِيَامَهُ إلى سَدُومَ» (تكوين 13: 10 – 12).

من خلال دراستنا للشخصية الرابعة، وهي شخصية لوط نجد التحدي الرابع من تحديات الحياة، الا وهو إغراءات الحياة.

خرج لوط مع إبراهيم من أرضه ومن عشيرته وبيت ابيه وسار مع إبراهيم وتنقل معه من مكان إلى مكان.  ولكن عندما نزل إلى مصر تغيرت أفكاره ورؤيته للعالم.  مما أثر على قراراته.  وحينا تعرض لإغراءات سدوم، قرر لوط الانفصال عن عمه إبراهيم، وهاجر هجرة ثانية من أرض حبرون إلى أرض سدوم. 

فأحياناً نبدأ الرحلة بطريقة حسنة وحسب فكر الرب، ولكن بسبب كثرة وشدة الإغراءات التي نتعرض لها؛ قد نأخذ قرارات ليست بحسب فكر الرب لكن باستحساننا الشخصي فنتسبب في مشكلات كثيرة في حياتنا.
ومن خلال تأملنا في حياة لوط، نستطيع أن نستخلص بعض الدروس العملية المفيدة لنا في رحلة الحياة، والتي تساعدنا على التغلب على إغراءاتها.

يتعرض المسيحي في مسيره في هذا العالم لكثير من الإغراءات والشهوات، حيث قال الكتاب المقدس أن  «كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ» (1 يوحنا 2: 16).

الرب يريدنا أن نكون ناجحين، ولا يمنعنا من الطموح.  ولكن هناك فرق بين الطموح والطمع. وقد يتحول الطموح إلى طمع، عندما لا نستطيع أن نقاوم الإغراءات الشديدة من حولنا.

متى يتحول الطموح إلى طمع؟
 الطموح هو تحقيق أكبر قدر ممكن من أهدافك التي تتوافق مع خطة الله ومشيئته لحياتك
ولكن عندما تشتهي أن تحقق أكبر قدر ممكن من أحلامك وتطلعاتك بغض النظر عن مشيئة الله لحياتك فقد دخلت في دائرة الطمع.

 عندما تسعى لتحقيق أهدافك بدون أن تضر صحتك وتهمل حياتك الروحية وتجور على أسرتك، فأنت تطمح.
بينما أن كنت في طريق تحقيق طموحاتك الشخصية تضر صحتك وأسرتك وحياتك الروحية، فأنت تطمع ولست تطمح.

 عندما تفرح وترضى بكل نجاح يعطيك الرب إياه وتسعى للمزيد في إطار مشيئة الله في حياتك فهذا هو الطموح. 
ولكن عندما لا ترضى ولا تشعر بالإكتفاء أبداً بما يعطيك الرب إياه، وتسعى بكل الطرق للمزيد،  وتتذمر على وضعك دائماً، فهذا هو الطمع.

 الطموح هو أن تسعى لتحقيق أهدافك باساليب وطرق سليمة وأمينة، بعيداً عن الظلم والغش والخداع.  وأن تأخذ حقوقك ولا تظلم غيرك. 
بينما الطمع هو أن تسعى لتحقيق أحلامك بأية وسيلة كانت، بالأساليب المشروعة وغير المشروعة.

وما حدث في حياة لوط يدخل في دائرة الطمع.  فهو لم يتحقق من مشيئة الرب عندما قرر الإرتحال.  وأيضاً عذب نفسه ودمر أسرته وحياته الروحية في طريق تحقيق احلامه.  وأختار لنفسه بأنانية الأرض الأفضل، دون أن يراعي عمه إبراهيم الأكبر سناً.

لذلك أخي القارئ
إن كنت في وضع مشابه للوط ثق أن الرب لن يتركك. أرقع عينيك إلى الرب، فترى الأمور كما يراها الله، فلا تُخدع بإغراءات العالم، وتدوس بالعز على كل مغرياته.

مجدي صموئيل